المحامي احمد السبيعي
أصدر سمو أمير البلاد المفدى (حفظه الله ) قانون الإقامة الدائمة رقم (10) لسنة 2018 ، الذي أثلج صدور شريحة كبيرة من المجتمع بعد طول إنتظار من قِبل الفئات التي يستهدفها القانون ، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا القانون هو في حقيقة الأمر يمثل تقدير وتكريم واعتراف بجهود فئات خدمت الدولة وساهمت في نهضتها منذ عشرات السنين وما زالت في جميع نواحي الحياة ، ومن أهم مزايا هذا القانون هو الجانب الوطني ، عند منح المقيم بطاقة الإقامة الدائمة الذي سيؤدي ذلك إلى تعميق النسيج الوطني بين افراد المجتمع وازدياد الحس الوطني بمشاركة المقيم للمواطن بالإضافة إلى تقوية الجبهة الداخلية و تعميق الانتماء لهذا الوطن المعطاء.
جاء هذا القانون لتعزيز المنظومة القانونية والتأكيد على الحقوق المدنية والاجتماعية وتكريساً لحقوق الإنسان ، وقد سبقه عدة قوانين تهدف إلى هذا المسعى مثل قانون العمل وقانون تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم و العديد من التشريعات، وهذا يدل على مدى اهتمام قطر بحق الوافد والمقيم في الشعور بالاستقرار والاطمئنان على مصدر رزقه وعلى أسرته وعلى أمنهم واعتبار قطر بحق هي بلده الثاني ،
وأيضاً من ضمن المزايا العديدة لهذا القانون من الناحية الاقتصادية يزيد من فرص الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني بل مشاركة المقيم هي تعزيز ومُحرك للاقتصاد الداخلي و جذب الإستثمارات من خلال إقامة المشاريع ونقل رؤوس الأموال خاصة أصبح له حق التملك و الاستثمار في أنشطة إقتصادية وتجارية ( يحددها قرار من مجلس الوزراء) ، مما يعد مُشارك في سبيل التنمية المستدامة الشاملة وتحقيق رؤية قطر 2030 .
أما من الجانب القانوني والإجتماعي ، أوضحت المادة رقم ( 1 ) من القانون الشروط الواجب توافرها للترخيص بالإقامة الدائمة التي بموجبها تُمنح بطاقة الإقامة الدائمة لغير القطري ، أما المادة رقم ( 2 ) جاءت باستثناء بعض الفئات من الشروط المنصوص عليها في المادة رقم (1) ، وأول هذه الفئات :
- أولاد القطرية المتزوجة من غير القطري
- زوج القطرية غير القطري
- زوجة القطري غير القطرية
- اولاد القطريين بالتجنس
واشترط المشرع في الفقرة الأخيرة من هذه المادة أن يكون الزواج بالنسبة للبنود (1) ، (2) ، (3) وفقاً للقانون .
لأول ثلاث فئات ، وهذا يعتبر شرط طبيعي ومنطقي بالنسبة للفئة الثانية والثالثة ان تكون علاقة الزواج مستمرة أثناء تقديم طلب الترخيص بمنح بطاقة الإقامة الدائمة ، أي سبب منح الإقامة الدائمة هو يجب أن تكون هناك علاقة زوجية أحد طرفيها مقيم والآخر قطري ، لكنني أرى أن شرط الزواج لا يجب أن يُفرض على الفئة الأولى ( أولاد القطرية ) وذلك لعدة أسباب :
أولاً : الإنتماء : يجب زرع الروح الوطنية والإنتماء لأولاد القطرية منذ ولادتهم وليس بعد بلوغ السن القانوني وبعد إيجاد مصدر رزق لكي يتمكن من الزواج ومن ثم التقدم بتصريح للإقامة الدائمة قد تجاوز عمره الخمسة وعشرون عاماً على أقل تقدير ، لذا أصبح من الصعب أن نجذبه نحو وطن أمه وزرع الروح الوطنية والولاء والانتماء لهذا الوطن بعد هذا السن وخاصةً أنه طوال تلك المدة يحمل جنسية أبيه الغير قطري ، ويعتبر في نظر القانون كأجنبي ويتعامل مع المجتمع على هذا الأساس .
ثانياً : الوضع القانوني : المادة الأولى حددت مدة الإقامة المطلوبة لمنح الإقامة الدائمة وهي عشرين سنة إذا كان مولوداً خارج قطر وعشر سنوات إذا كان مولوداً بداخلها ، هذا يعني أن الذي ليس له علاقة بالجنسية القطرية أصبح أفضل من فئة ( أولاد الأم القطرية ) لإن أبناءها لن يحصلوا على الإقامة الدائمة إلا بعد أن يتجاوز سنه الخمس وعشرون على الأقل كما أوضحت أعلاه، وأيضاً جميع الفئات المستثناة في المادة (2) أصبحوا أيضاً في وضع قانوني أفضل من فئة ( أولاد القطرية ) لأنه بمجرد زواج الطرف الأجنبي من الطرف القطري يستحق الإقامة الدائمة استثناءً من مدة الإقامة المشار إليها في المادة رقم (1) ، أي من تاريخ الموافقة على طلب الترخيص بالإقامة الدائمة وأيضاً الفئة الرابعة المستثناة وهي فئة أولاد القطرية بالتجنس أصبحوا في وضع أفضل من أولاد الأم القطرية الأصيلة لأن أولاد الفئة الرابعة لم يشترط لهم القانون شرط الزواج وبالتالي يستحقوا الإقامة الدائمة من تاريخ صدور بطاقة الإقامة الدائمة .
ثالثاً : حق المواطنة : كمفهوم مختصر : هو انتماء إنسان إلى رقعة أرض معينة ولِدَ عليها ونشأ وتربى وترعرع وإستقر فيها على الدوام ويحمل جنسيتها إنتماءً إلى أصوله وأجداده منذ ولادته ويُعتبر النبتة الطبيعية من أرضها وترابها ولا ينتسب إلى أي موطن آخر ، وبالتالي يستحق المواطن المميزات والحقوق التي يمنحها الوطن له عن دونه من غير المواطنين ،
وهذا الالتزام يقع على عاتق الوطن تجاه المواطن الأصيل فقط وليس المتجنس ، والسبب في ذلك هو تمتعه بحق المواطنة لذا يجب التمييز بينهما وخاصة في الحقوق الطبيعية اللصيقة بشخصية الإنسان المواطن .
وبناءً عليه يتضح لنا أن الفئة الأولى ( أولاد الأم القطرية ) تمتع بحق لا يتوافر في بقية الفئات ألا وهو حق المواطنة لأمهم القطرية الأصيلة وبموجب هذا الحق يجب أن يظهر في إعفاء أولادها من شرط الزواج حتى يحصلوا على الإقامة الدائمة .
لذا يرجى من المشرع الموقر إعادة النظر في شرط الزواج وإلغائه بالنسبة للفئة الأولى حتى يتحقق لم شمل الأسرة القطرية بموجب حق الدم للأم وبموجب حقها الأصيل في المواطنة ، وهذا هو الهدف الذي يسعى القانون إلى تحقيقه ودمج أولاد الأم القطرية الذين لهم الأولوية عن بقية الفئات الحق في إكتساب الإقامة الدائمة مع المواطن في وطن واحد ومصير مشترك .